المراحل العمرية لممارسي الفنون الدفاعية من إعداد الأستاذ التزاني عبد الفتاح


المراحل العمرية لممارسي الفنون الدفاعية من إعداد الأستاذ التزاني عبد الفتاح



إن التحدي الكبير لممارس أي فن  دفاعي  هو متى  يصبح  لديه من  المعرفة و  الدراية التقنية و  الإمكانيات مما  يمكنه  من تصنيف  نفسه  أستاذا كبيرا  و ليس  مجرد ممارس  حاصل  على درجة  عليا 6 أو 7  دان . كيف يمكن أن  نميز  الأستاذ من  المبتدئ على أن  يفهم من  المبتدئ  ليس بعدد  السنوات  فهناك من  يقضي  حياته كلها  يمارس  و لا  يتعدى  فهمه التقنية التي  يؤديها  في حين  نجد  هناك من  يكون  الفهم و  الدراية  آنية و  فورية  لا تتطلب  كد  السنين .للفهم و  الغوص في  الموضوع  أكثر سنقوم  بتحليل  ما يلي

المرحلة  الأولى
1-       التقنية
الجانب  التقني  نعني به  القواعد  الأساسية لكل  صنف  من  الممارسة  التي تتطلب  جهد  فكري للحفظ  و  الفهم و  جهد  بدني  للاستعداد  و هذا  الجانب  الأساسي يلازم الممارس  طيلة  مشواره من  صد و لكم  و ركل و كيفية ربط  الحزام و إحكام  القبضة كيفية السقوط كيفية  استعمال  الأسلحة كلها  جوانب  تقنية تعتمد  فهم  وظائف الجسم وكيفية  أداء  الحركات بشكل  منطقي  و علمي  تحكمه  فلسفة معينة تميز  طريقة  الأداء عن  باقي  الأساليب .فهو جانب  ميكانيكي  يتطلب التكرار  المستمر  طيلة سنوات  الممارسة .للأسف  نجد الكثيرين  يكررون  الحركات بشكل  تلقائي  بعيدين كل  البعد  عن مغزى و  مفهوم  أدائها بل  نجد  الكثيرين لا  يجيدون  حتى التنفس  مع  أداء التقنية بشكل  صحيح .
2-         القوة
القوة و التحمل  بالإضافة لليونة    من المميزات  التي  يجب تطويرها  لدى  الممارس لكي تساعده  على  تأدية التقنيات  الأساسية  على أكمل  وجه .  فالممارس يطور  مهاراته  و قدراته  البدنية  باستمرار فالممارس  الكفء هو  من له  القدرة  على تطوير قدراته  إلى  أقصى حد  ممكن .فالقوة ليس  لها المعنى  المحدد  في قوة  الضرب  أو الصد  بل  قوة التحمل  البدني  و الذهني و الصبر  على  تحمل مباراة  من  عدة أشواط  و  الحفاظ على  نفس  الكفاءة التقنية  و  البدنية .
3-       السرعة
الفنون  الدفاعية الحديثة كلها  تعتمد على الممارس  الأسرع  في الهجوم و في  الدفاع و كذا  في رد  الفعل  السرعة مطلوبة  في  كل شيء  وتكمل  المثلث الذهبي الذي  يعتبر  اللبنة الأولى  التي  يجب  أن  يمر بها  الممارس  في طريقه  ليتكون  و يصبح   الأستاذ  الكبير المنشود .
إن  المرحلة  الأولى التي  يمر  منها الممارس  من  تطوير التقنية و القوة  و  السرعة هي  جد  أساسية ليصل  إلى  تحقيق  الأهداففممارس  سريع  جدا  لايمكنه  الفوز فقط  لسرعته  أمام خصم  يتفوق  عليه في  التحمل  و التقنية  و  ممارس معد  بدنيا  لا يمكنه  من  التفوق على  من  هو محنك  تقنيا  . فالمثلث يضمن النجاح  لمن  وفق بين  أركانه  و حقق  التوازن  في تدريباته بين التقنية  و  السرعة و كذا  القوة .
لان  العمر  قصير فبعد  سن  الخامسة و الثلاثين لا  يمكننا  التكلم عن  نفس  القدرات البدنية التي  كانت  في العشرينات فلقد  بدأت  مرحلة جديدة    لتكوين  الأستاذ المحنك .

المرحلة  الثانية
هذه  المرحلة  لا  تقلأهمية  عن سابقتها  و هي  لا تعوضها  بل  تكملها و  ملازمة  لها إذا  أراد  الممارس أن  يصنع  لنفسه موقعا في  الفن  الذي يمارس  بحيث  اغلب الممارسين  لا  يتجاوزون المرحلة  الأولى  و يبقون إما حبيسين هذه  المرحلة  أو ينسحبون و يعتزلون  الممارسةلهذا  الفن  اعتقادا منهم  أنهم  و صلوا إلى  نهاية  مشوارهم  .
1-       الشعور
هنا يجب فهم  مصطلح الشعور  بمنظور  مختلف هو  اقرب  منه للاستيعاب و فهم  الذات  و الإحساس  بما  تقوم به و لملامسة  الموضوع  جيدا سنتطرق  للنقط  التالية
-         في  نزال حقيقي في  الشارع تصبح التقنية  المستعملة هي  الهاجس  الوحيد و مدى  فعاليتها فالمتمرس  الجيد هو  الذي  يتأقلم مع  التقنية  لتصبح فعالة الاستعمال و ما  يناسب حجمه  و  قامته فالفرق هنا  شاسع  بين ممارس  يقلد  أستاذه الذي  قلد  بدوره سابقيه  وصولا  إلى مؤسس  الفن  الحربي الذي اختار  تقنياته  القتالية على أسس  و  قواعد منطقية بطبيعة  الحال و لكن  بأداء شخصي  يلائم  طبيعته البشرية  كالحجم و الطول  و الوزن إلى غير  ذلك  . فالممارس  الذي  يشعر بكيفية التأقلم  مع  التقنية لتصبح  فعالة  يكون أفضل  من غيره  المقلد فقط  لما  يراه و  ما  أكثرهم ذوي  الدرجات العليا .
-         النقطة  الثانية هو  هاجس  الأستاذ الذي  يريد  أن  يبقي  فارق المعرفة  بينه و بين  تلامذته شاسع .بحيث  يبحث  عن الكم  في  التقنيات و ليس  الكيف  و ممارستها لتصبح  فعالة  و يسبر  أغوارها  و طرق  تأديتها  بل يقتصر على النقل  البصريللحركة  كمن  يشاهد  فيلما و  يقلده  بدون الإحساس  و تقييم  ما يفعله . فغالبا  ما  نجد الحزام  الأسود  يستعمل تقنيات  الأساس  للدفاع عن  النفس و ذلك  لأنها هي  التي  تدرب عليها  أكثر  من غيرها  و  هذا ما  كان  المعلمين القدامى  يعتمدونه  الكيف قبل  الكم  و الإحساس  و  الإيمان بما  تقوم  به .
-         التدريب  الروتيني يعتمد  على  تقنيات ذات علم  مسبق  بالهجوم و كذا  الأسلحة  مسار الهجوم  معلوم  مما يطرح  في  قتال حقيقي  عدة  تساؤلات عن  سبل  الدفاع . فتطوير  الإحساس العميق يدعم  الثقة في  النفس  و يشعر  الممارس  بالهدوء و  عدم  المبالاة بإشغال و  إرهاق  العقل بطرح  أسئلة  افتراضية بل  التعامل  مع الواقع بايجابية .
-         مثال  على  ذلك  احد تلامذتي  في  التايكواندو و  الهابكيدو  تعرض لتهديد  بالسلاح  الأبيض من  الخلف و ليس  مستوى حزام  اسود  بعد  فقام  بحركة دفاعية  أدت  إلى كسر  ذراع  المعتدي و  السكين  لا زال في  يده لأنه  اتبع شعوره  و  إحساسه بما  يحيط  به في  حين  نجد  العديد من  الأحزمة  السوداء يخسر  النزال  لان ما  يقوم  به يخالف ما  يحيط  به و العقل يخالف  الشعور هنا  يقع الارتباك  . فالمعتدي المحنك  على  القتال في  الشارع  لا يضيع  وقته  في بناء إستراتيجية  أو اختيار  تقنية معينة  فهو  لا يضيع  وقته  الثمين إلا  في الهجوم  المباغت  و السريع  .
-         فمع  مرور الزمن  التقنيات  تفقد فعاليتها  لان  العمر لا  يسمح  بسبب مسئوليات اجتماعية  و مشاغل  تقلل من  حصص  التدريب ناهيك  عن  الخمسينيات يفقد  الممارس  رغبته في  البحث  يبقى السبيل  الوحيد  هو  إتقان  و التدرب  على  التقنيات التي  يجيدها .
2-  الإتقان
في  المرحلة  الأولى يهتم الممارس  على  إظهار قوته و سرعته   في الهجوم  والدفاع  غير مبال ببعض  التفاصيل  الدقيقة التي  تصبح مع  التقدم في  السن  جد ضرورية  وهي  اقتصاد الطاقة و إتقان  الدفاع  و الهجوم  في  مناطق معينة  يكون  لها الأثر  البليغ  على المهاجم  كشل  حركته اثر هجوم  على  نقطة حيوية  أو  الضغط على  نقطة  ضغط تحدث  ألما  و تحجمه  عن  مواصلة الهجوم .فإتقان التقنية  لا  يتأتى إلا  بالنضج  الذي يوفره  التقدم  في السن فكثير  من  الممارسين يتحرك بجسمه  و  لا يعرف  كيف  يستعمل قوة  جسمه  في  ردة  الفعل أو  الهجوم رغم  السرعة و  القوة  فالفاعلية و  الإتقان  أمران مختلفان .
3-  التوقيت
إن السرعة تتضائل  مع  التقدم في  السن   لتفسح المجال  للتوقيت  المناسب و الشعور  الجيد  ليحل مكانهما  و هي  سرعة رد  الفعل  في الوقت  المناسب  مع الهدوء  و  الارتخاء .

إن  الملاحظ  أن الأسيويين  أدركوا  عميقا  أن  المرحلة الأولى  هي  وهمية بالنسبة  للممارس  الذي يمكن  أن  يحصد ألقاب  و  كؤوس في  النزال  ليثبت  قوته  و سرعته  في  نزال مقنن  داخل  الحلبة فهذه  مرحلة  للإثبات للغير  .أما  المرحلة الثانية  فهي  شخصية و  لا  يمكن  إثبات  نجا عتها من  عدمها  لأنها ترتبط  بمفاهيم  الشخص نفسه فهو  يعلم  نفسه و لا يحتاج  لان  يثبت لنفسه  أو  لغيره شيئا  .
فهل  أنت  ممارس تعي  أهمية  هذه المرحلة  أم  انك لم تتجاوز  المرحلة  الأولى رغم  تقدمك  في العمر و طول  سنوات  تدريبك .إذا كنت  وصلت إلى  هذه المرحلة  من  الفكر و الممارسة  فأنت  ممن يستحقون درجة  الحزام  الذي تحمله  و  إلا فراجع  نفسك .
المرحلة الثالثة
هذه  المرحلة لا  يصلها إلا  فئة  قليلة من التلامذة  النجباء  و الناذرين  إنهم  مفكرون و  عباقرة  يؤسسون و يطورون  بطرق  علمية فلسفية  ذات  قاعدة و  جذور  صلبة ومن ميزاتهم
1-       الميزة الروحية و  الارتباط الوجداني
فأمثال  هؤلاء يطورون  فكرهم  الروحي الخاص  بهم  و هم  لا  يخشون أي  خصم  يواجهونه لأنهم  لا  يخشون قوته  أو  سرعته أو تقنيته  فقد  طوروا أجهزة  استشعار  روحية يمكن  الارتباط  بها مع  الخصم .ويمكن  ملاحظة هذا  من  خلال الهجوم من  الخلف لعدة  معلمين كبار  و  كيفية استشعارهم  و  ردة فعلهم المناسبة .
2-       منظور الوقت
إن مسألة  الوقت عند  أمثال  هؤلاء لها  منظور  مختلف كمن  يرى  خصمه يؤدي  هجومه  بالعرض البطيء كيفما  كانت  سرعة هذا  الخصم  و له متسع  من  الوقت ليدرسها  و يتمعن  في ماهية  الرد  الفعل الذي  سيتخذه  و هذا  يعرفه  أصحاب السباقات  السرعة داخل  المضمار و في بعض  الأفلام نرى  البطل يستعرض  الهجوم  بلقطات بطيئة و يحللها  و  يتخذ قراره  في  حين  أن  الخصم لم  يذخر  جهدا في هجومه  من  حيث السرعة  و  القوة .
3-التحكم  في الطاقة
المعنى  منه  هوتجريد  الخصم  من طاقة  و  قوة هجومه  و  توجيه هجوم  ذو  طاقة ايجابية تفقده  قدراته على  القتال أو  من  خلال هجومه  يمكن  التحكم في  طاقته  و  شلها.
إن  القارئ لهذا المقال يفهم  أن  هذه المراحل  جد  مهمة ليصل  الممارس  إلى قمة  الإدراك   ل -دو - أي الفن  الذي  يمارسه ولكن هذا  لا  يتأتى إلا  بالعمل  الجاد و  الحفاظ  على سلامة العقل  و  الجسم معا  بالتغذية  الجيدة و السلامة  الصحية و  العقلية .
فكثير  هي الأحزمة  السوداء  التي لم  تتجاوز  عتبة المرحلة  الأولى فمنهم  من اعتزل  و منهم  من أصبح  مدربا  و هو لا  يعرف  قدراته الحقيقية  و  لم يختبر  نفسه  بنفسه فكيف  به  يكون غيره  .و يوهم  نفسه بان  الدرجة  السابعة أو  الثامنة هي  معيار لمستواه  الرياضي .
فيجب  على الشخص  أن يسبر  أغوار نفسه  و  يحاورها و  ينتقدها  و يعرف  قيمة  مكتسباته بذاته و  ليس  أن يتلقى  ذلك  من الغير  .فالأجدر  بنا  أن  تكون لنا مسئولية كممارسين  و  معلمين و مطبقين و مبدعين .
فمسئولية  الممارس المتعلم  هي  التعطش للمعرفة  دائما بحيث يجب  أن تبقى  مصاحبة له   طيلة مشوار  الممارسة  و  التدريب و  أن  تكون لنا  ثقافة  محاورة الأخر  و ليس  ثقافة استعراض  ما  نملك فحتى لو  كان  من تحاوره  يعرف  ما تعرفه  يمكنه  أن يفيدك  بوجهة  نظر  أخرى  تنير لك  طريقا  جديد من  البحث  و المعرفة  و كذلك  يجب علينا  الانفتاح  على ما  يمارسه  الآخرين فالمدرب  الذي يتوقف  عن  البحث يجب  أن يعتزل  التدريب كذلك .
ومسئولية المعلم  هي  أنيكون  أستاذ  نفسه  أولا  و ليس  الأستاذ  فقط الذي  يعلم  الآخرين فالأستاذ  الكفء  هو من  يحلل المعلومات  و يناقش التقنيات التي  تعلمها و كيفية  إتقانها و  إصلاح  الأخطاء حتى  يتفادى  نقلها كالرجل  الآلي. وان  يطور الطرق  الناجعة  للتدريب و  تطوير  المهارة   و أن  يكون ملما  بخبايا  الجسم البشري  و  طريقة  أدائه  ليتحكم في  تحقيق  التوازن الذهني  و البدني  له  و لتلامذته و ان  يسبر  أغوار الفن  الذي  يمارسها و  ان  لا يكون  كبعض  او كثير  من  الأساتذة الذين  هم  مجرد  أمناء   على فنهم  ينقلون  ما تلقوه  مفوتين   متعة البحث  و  المعرفة  وإضفاء اللمسة  الشخصية  على ما  تعلموه .و هذا  هو  الإبداعالذي  يبعد  الأستاذ عن  الرتابة  و الملل  و  يطور دائما  طرق  التدريب و  طرق  تأدية التقنيات و تقدير  مجهود  الآخرين و  احترام  مجهوذاتهم  .
فحاور  نفسك من  أي صنف  آنت  وأي  مرحلة بلغت .



Share on Google Plus

About bacmarocaine

    Blogger Comment
    Facebook Comment

1 التعليقات:

  1. انا فتاة عمري ٢٢ واريد ان اتعلم التايكوندو هل يتوافق مع عمري؟ مع العلم انا ما مارست اي رياضة اخرى سابقا

    ردحذف